هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    العيادة النفسيه

    Sondos
    Sondos
    مشرفة عامة


    عدد المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 27/02/2010

    m1 العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Sondos الأربعاء مارس 03, 2010 10:54 am



    العيــــــــــادة النفســـــــــــيه


    العيادة النفسيه Gallery_1262_59_7051


    ببساطه الفكرة واضحه من العنوان
    الموضوع ده هيكون زى عياده نفسيه
    هاجمع فيه باذن الله اكبر قدر من الامراض النفسيه الشائعه وعلاجها
    بصورة سهله ومبسطه

    هنبدأ باذن الله القسم الاول من الموضوع وهو
    بعنوان "حكايات نفسيه"
    هنعرض فيه بعض الحالات النفسيه فى قالب قصصى جذاب
    وهي حالات كثيرة المشاهدة في حياتنا الأسرية أو الاجتماعية , وقد لا تكون غريبة عن الكثيرين..



    المصدر موقع
    العياده النفسيه للدكتور الامين اسماعيل بخارى
    Sondos
    Sondos
    مشرفة عامة


    عدد المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 27/02/2010

    m1 رد: العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Sondos الأربعاء مارس 03, 2010 11:01 am



    نبدأ باول قصة بعنوان

    " قارئة الكف "




    ظلت سميرة مستلقية على فراشها بعد أن صحت من نومها لفترة طويلة. تشعر بإرهاق شديد و قلق غير مبرر كأن كل الطاقة التي في جسدها قد تم سحبها لآخر قطرة. بالرغم من أن الساعة قد شارفت العاشرة صباحاً فأنها لم تعتن بالطفلين و لم تقدم لهما وجبة الإفطار بعد. و بالرغم من أن الكثير من الواجبات المنزلية تنتظرها فهي لا تشعر بأي رغبة في مغادرة السرير.هي مترددة و يائسة وتود لو تترك لحالها في غرفتها تجتر أحزانها. الآونة الأخيرة أصبحت تشعر طوال اليوم بملل و سأم شديدين. لا شيء يثير اهتمامها أو يمنحها الشعور بالمتعة و السعادة. أصبحت متوترة بدون أي مسبب و لا تطيق ضجيج الطفلين و هما يلعبان من حولها. كثيراً ما طلبت منهما أن يذهبا بعيداً للعب في حجرتهما أو في غرفة الاستقبال. تشعر أنها أقل حماسة من ذي قبل لاحتضانهما و تقبيلهما أو للاستجابة لطلباتهما، و لعلّ الطفلين أدركا ذلك بحاستهما و آثرا أن يبتعدا عنها لكي لا يغضباها. هي لا تدري لماذا هذا الشعور المؤلم بالإرهاق و مع أنها خلدت لسريرها مبكرة لكنها تدري أنها قضت وقتاً طويلاً تجتر أفكاراً و أحداثاً محزنة و مقلقة، و حتى بعد أن غفت كانت تصحو من آن لآخر و هي قلقة و حزينة. النوم في حد ذاته أصبح هاجسا مرعباً بالنسبة لها لما يحويه من أحلام مزعجة و كوابيس مخيفة. شهيتها للطعام أصبحت ضعيفة للغاية وقد تقضي يومها بأكمله بدون طعام ومن غير أن تشعر بالجوع.

    رجعت بذاكرتها للوراء؛ فقط من قبل خمسة أسابيع كانت ممتلئة حيوية و نشاطا. كانت تبدو سعيدة ضاحكة مبتسمة على الدوام. و لم لا تكون كذلك فقد حقق الله لها كل أمانيها. لقد أكملت دراستها الجامعية و تزوجت بكمال شقيق صديقة طفولتها مريم. كان كمال هو فتى أحلامها منذ فترة الجامعة، و كانت معجبة به لأدبه و أخلاقه ولوسامته. هي لا تنكر أن مريم ساهمت كثيراً في التقريب بينهما إلى أن تقدم كمال لخطبتها. لقد كانت و مريم ليستا كالصديقتين فقط بل كالأختين تحترمان وتعجبان يبعضهما. رزقت سميرة من كمال بطفلين جميلين، سامي و هو في الخامسة و سمية و هي في الثالثة. الأسرة الصغيرة تعيش في شقة متوسطة الحجم أهداها والد كمال لهما بمناسبة زواجهما. كمال يعمل مهندساً في إحدى الشركات المعروفة براتب مجزي. لا شيء ينقص الأسرة التي تحيط بها مجموعة من الأسر الصديقة و الأقارب الذين استطاعت أن تخلق معهم علاقات اجتماعية متينة.

    استرسلت سميرة في أفكارها " يا الله !!! ما بال هذا الصداع يلازمني طول الوقت. أشعر كأن رأسي سوف ينفجر في أي لحظة.. جسمي منهك ... أفكاري مشتتة... تركيزي ضعيف.. لا أستطيع أن أقرر أي شيء... أشعر بدوخة وبدوار كلما وقفت على رجلي."

    في الآونة الأخيرة بدأت سميرة تلوم نفسها كثيرا لإهمالها لنفسها و لزوجها و لأطفالها. كل شيء في المنزل مبعثر، لا تجد الطاقة أو الرغبة اللازمة لأداء واجباتها المنزلية و الأسرية . كل الأشياء التي كانت تستمتع بها الآن أصبحت غير ذات أهمية بالنسبة لها. البرامج التلفزيونية التي كانت تتابعها بانتظام .. الاتصال تلفونيا بصديقاتها للتحدث إليهن لأوقات طويلة.. زيارة صديقاتها أو استقبالهن في شقتها.. . قضاء ساعات بالمطبخ لإعداد الوجبات الشهية التي يحبها كمال. من وقت لآخر ينتابها شعور بالذنب لأشياء تافهة حدثت منها تجاه بعض الصديقات والأقارب. شعور بالذنب لاعتقادها أنها اقترفت الكثير من السيئات و الذنوب التي تستحق أن يعاقبها عليها الله سبحانه و تعالى. أحياناً تشعر أنها تستحق ما آل إليه حالها لأنه غضب من الله لعصيانها له و عدم الالتزام بواجباتها الدينية. تشعر أنها لا تستحق أي شفقة أو رحمة من أحد لأنها عاجزة فاشلة ولا تستحق أن تكون زوجة لكمال أو أم لأطفاله.

    فجأة توقف سيل أفكارها لسماعها جرس الباب الخارجي. إنها لا تريد أن يدخل عليها أحد ويجدها لا تزال بملابس النوم مهملة أطفالها ومنزلها وحتى نفسها. وهي تحاول النهوض من سريرها إذ تدخل عليها والدتها الغرفة بصحبة طفليها اللذين يبدوان في حالة يرثى لها من القذارة.

    بادرتها والدتها: "سلامتك يا سميرة!! إلى الآن وأنت في السرير.. البيت حالو حال . ما بك يا سميرة.. هل حصل بينك وكمال شيء؟"

    أقسمت سميرة لأمها أن كل شيء بينها وكمال على ما يرام بل هي تشعر أنها مقصرة في حقه وحق أولاده. كمال نفسه محتار في أمرها. لقد أخذها إلى عدد من الأطباء الذين أكدوا لهما أن الكشف السر يرى والفحوصات المخبرية لم تظهر أي شيء سلبي. أحدهم نصح إبراهيم أن يأخذها لطبيب نفسي إلا أن كلاهما يرفض الفكرة. ماذا يقول الناس عنها؟ سيقول البعض أنها مجنونة.

    " لازم أصابتك عين أو حد عمل لك سحر." أكدت الأم. " سأمر على أم سليمان لأحضرها أنها خبيرة بكشف وإبطال أي سحر أو عين."

    بسرعة قامت الأم بتنظيف وتغيير ملابس الطفلين وإطعامهما. طلبت من سميرة أن تعتني بنفسها وتبدل ثيابها ريثما تعود بأم سليمان. عادت سريعا مع أم سليمان وهي سيدة في الخمسينيات من عمرها تبدو من نظراتها الفطنة والذكاء وقد اشتهرت في الحي بقراءة الكف وكشف الغيب وإفساد عمل العين والسحر. أجلست سميرة بجانبها وأخذت بكفها الأيمن وركزت عليه بنظراتها الثاقبة وبدت لفترة كأنها في حالة ذهول قبل أن تؤكد للاثنتين أن ما بسميرة ما هو إلا عمل قامت به سيدة معروفة للاثنتين في الثلاثين من عمرها وبدأت تعدد صفاتها بأسلوب ذكي قد ينطبق على الكثيرات.

    صاحت سميرة أنها عرفت تلك السيدة. إنها مريم شقيقة كمال زوجها. الوصف ينطبق عليها تماما. كانت سميرة تعتقد أن مريم تغيرت كثيراً في الآونة الأخيرة. توقفت عن الزيارة والسؤال عن سميرة التي تعتقد أن مريم تغار منها وتحسدها على سعادتها مع كمال وها هي تلجأ إلى السحر للتفريق بينهما.

    بادرتها أمها !!! "حرام عليك يا سميرة...مريم تحبك وتعتز بصداقتك.. انتو زى الأخوات . ما تنسى هي الرشحتك لكمال للزواج. حرام تظلميها."

    لم تضيع العرافة الوقت وأخذت تبحث عن العمل وأخيراً أخبرت الأم أنها عثرت عليه مخبأ تحت وسادة سميرة عبارة عن لفافة صغيرة من القماش تحتوى على مسحوق اسود. أخذت أم سليمان اللفافة إلى المطبخ وأشعلت فيها النار للتخلص نهائيا من ذلك العمل. وقامت بطمأنة سميرة على أنها ستستعيد عافيتها تماما في الحال.

    أطلعت سميرة كمال بكل ما جرى ذلك اليوم وهي تشعر بشيء من الارتياح. والدتها حذرتها من ذكر اسم مريم لزوجها حتى لا تثير غضبه عليها لأنه يحب شقيقته كثيراً.وفي تلك الليلة نامت سميرة مبكراً وشعر كمال أن الأمور تسير للأحسن وحمد الله على كل شيء.

    للأسف صحت سميرة حوالي الثالثة صباحا وهي تجهث بالبكاء. لقد حلمت حلماً مخيفاً إذ رأت نفسها وهي تهوي داخل بئر عميقة. صحت من نومها وهي تصرخ وتنادي على كمال مستغيثة به. فكر كمال في أن يأخذها إلى الطبيب النفسي ذلك اليوم إلا أن والدة سميرة رفضت الفكرة وفضلت إحضار قارئة قرآن.

    استمرت حالة سميرة في التدهور. لم تستطع القيام بواجباتها نحو أسرتها بل لم تستطع حتى العناية بنفسها مما اضطر والدتها للبقاء بالمنزل طيلة اليوم للإشراف على الطفلين وشؤون المنزل. بدأت تردد أنها تسمع صوتا هامساً يشبه صوت مريم ينبعث من جهاز التلفون وهو يسبها بأقذر العبارات ويلعنها. الصوت يقول عنها أنها أم وزوجة فاشلة وأنها لا تستأهل أن تكون زوجة لكمال وأم لعياله. يصفها بالغدارة ويسخر من تصرفاتها. بل وصل الحد الذي ذكر لها الصوت أنها لا تستحق الحياة بل الأفضل للجميع لو أنها اختفت عن هذه الدنيا..

    تعجب كمال من أمر ذلك الصوت لأنه ليس بالمنطقي أو المعقول أن يصدر من جهاز التلفون بدون أن يرن أو تلتقط سماعته. كذلك لم يصدق أن شقيقته يمكن أن تكيد لزوجته بأي أسلوب كان. لكن سميرة كانت تزداد كل يوم قناعة وتأكيداً.

    كانت سميرة بادئ الأمر تنكر على الصوت ذلك القول وأخيراً ابتدأت تغير من رأيها. لربما كان ذلك حقيقة ومهما كان مصدر الصوت فهو يقول الحقيقة عنها لأنها تسببت في ضياع كل الأسرة. و أخيراً قررت في نفسها أمراً مرعباً بعد أن بلغ منها اليأس مبلغه. لقد قررت أن تنتحر لتريح الجميع من كل ما سببته لهم من آلام ولعل كمال يتزوج خيراً منها لترعى الطفلين.

    صباح اليوم التالي وقبل أن يغادر زوجها المنزل لعمله اعتذرت له كثيرا لإهمالها وذكرت له انه سوف لن يعاني بسببها بعد اليوم وطلبت منه أن يضمها إليه بشدة وتعلقت به لفترة وهي تجهث بالبكاء. طمأنها كمال على انه سوف لن يتخلى عنها وسوف يقف إلى جانبها إلى أن تستعيد عافيتها تماماً وودعها على أن يراها بعد نهاية عمله. وخرج وهو يعلم أن والدة سميرة سوف تحضر بعد ساعتين لتتولى شؤون المنزل.

    توجهت سميرة بعد خروج زوجها إلى غرفة الطفلين. لا زالا نائمين. قبلتهما برفق لكي لا يصحبا وهي تبكى في صمت ومن ثم أغلقت الباب عليهما ثم توجهت إلى غرفتها. ابتلعت قرصين من الحبوب المنومة التي تلقتها من احد الأطباء قبل أن تستلقي على سريرها ثم تلت الشهادة على روحها. بعدها أحدثت بجرأة قطعا عميقا بيدها اليسرى بشفرة أعدتها لهذا الغرض. وبعد أن رأت الدم يسيل من الجرح تغطت بلحافها مستسلمة لقدرها.

    بعد أن وصل كمال لمكان عمله راودته الشكوك عن تصرف زوجته. ماذا تعنى بأنه سوف لن يعاني بسببها بعد اليوم, هل هي تدبر أمراً مرعباً؟ غادر مكتبه على الفور واستقل سيارته راجعاً إلى المنزل. بسرعة دلف إلى غرفة النوم ليرى سميرة مغطاة باللحاف وعند كشفه هاله رؤية الدماء تسيل بغزارة على الفراش. هرول للخارج ولحسن حظه التقى بجاره وهو عائد من الخارج. تعاون الاثنان على إيقاف النزيف وحملا سميرة إلى السيارة وتوجها إلى المستشفي حيث تم إسعاف سميرة التي استعادت وعيها بعد زمن وجيز ومن ثم تمّ تحويلها إلى قسم النفسية.



    تم تشخيص حالة سميرة على أنها حالة اكتئاب نفسي شديد ولام الطبيب كمال كثيراً على تأخره في تقديم زوجته للعلاج مبكراً وقرر لخطورة الحالة إدخال سميرة القسم الداخلي وبدأ العلاج بالجلسات الكهربائية التي استجابت لها سميرة سريعاً.

    بعد عدة أسابيع تم خروج سميرة من المستشفى. كانت تبدو سعيدة ومتشوقة لاستعادة حياتها الأسرية والاجتماعية بصورة طبيعية. الآن تشعر كأنها ولدت من جديد. لاتصدق أنها تعيش من جديد بين أسرتها يحيط بها زوجها وطفليها وأصدقائها ومن بينهم مريم صديقة الطفولة التي كانت متفهمة تماما لاتهامات سميرة لها أثناء مرضها. كل يوم وهي تدعو وتشكر ربها على استمرارها في الحياة لأجل طفليها وزوجها الذين وعدت نفسها أن تعوضهم كل الحرمان العاطفي والتقصير طيلة مرضها.




    ...
    بسكوتة هانم
    بسكوتة هانم
    مديرة عامة
    مديرة عامة


    عدد المساهمات : 357
    تاريخ التسجيل : 25/02/2010

    m1 رد: العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Ø¨Ø³ÙƒÙˆØªØ© هانم الجمعة مارس 12, 2010 3:28 pm

    معقول الاكتئاب يعمل كده ويوصل للحالة دى
    بجد موضوع شيق ومفيد
    Sondos
    Sondos
    مشرفة عامة


    عدد المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 27/02/2010

    m1 رد: العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Sondos الإثنين مارس 15, 2010 2:59 pm

    القصة الثانية
    "محمود"





    عاد محمود من مدرسته بعد نهاية اليوم الدراسي وتوجه فوراً إلى غرفته وأغلق الباب من خلفه. كانت والدته بالمطبخ تعد طعام الغداء. هي تعلم أنه يعود مباشرة من مدرسته للمنزل. إنه ليس كبقية التلاميذ الذين يتسيبون في الخارج لبعض الوقت قبل توجههم لمنازلهم بعد مغادرتهم الحافلة المدرسية. كثير منهم يقف في المنحنيات يتجاذبون الأحاديث والطرف والأشقياء منهم يلعبون الكرة بأي شيء يصادفهم حتى ولو كانت علبة مشروب فارغة أو يتمازحون، وقد يتمادون في ذلك لدرجة السباب أو العراك قبل أن ينفضوا ويذهب كل منهم في سبيله. القلة منهم تؤثر الانتظار قليلاً لحين مرور أو توقف حافلات الطالبات لاختلاس النظرة التي اعتادوا عليها يوميا..

    كان من عادة محمود أن يمر علي والدته داخل المطبخ محيياً ومازحاً ويتناول شيء مما أعدته لوجبة الغداء على عجل ولكنه في الآونة الأخيرة لم يعد يحفل بالمرور عليها لتحيتها أو لتناول شيء يأكله.هي تشعر بغريزة الأم أن في الأمر ما يقلقها ولكنها تطمئن نفسها ربما عليه بعض الواجبات المدرسية أو يعد نفسه لامتحان. عليها أن لا تنزعج فمحمود يتحمل المسؤولية ويعرف ما يفعل.

    محمود شاب في السادسة عشرة من عمره، نحيف الجسم، طويل القامة، وجهه تبدو عليه شيء من الوسامة مع الجدية، خجول، يتفادى الاختلاط بالآخرين وليس له إلا صديق واحد يماثله في الخلق والخلق ويتنافس معه على إحراز المرتبة الأولى في الصف. هما يتقابلان من وقت لآخر لمراجعة بعض الدروس أو الذهاب للمجمع الثقافي لحضور ندوة أو معرض للكتاب. من لا يعرفه جيدا من زملائه في المدرسة يعتقد انه متعجرف و"شايف حاله" ولا يأبه بأحد.


    الحقيقة أن محمود ليس بالمتعجرف أو المتعالي بل هو انطوائي بعض الشيء. يأخذ الأمور بجدية زائدة و ليس له وقت يضيعه في اللهو والعبث. يكرس جل وقته للمطالعة والدراسة وشبكة المعلومات الالكترونية. يحبه أساتذته لأدبه الجم ولاهتمامه بدراسته وهم يتوقعون له مستقبلاً باهراً.

    وهو كذلك أصغر الأبناء الثلاثة في الأسرة. سامية البنت الكبرى حصلت على الثانوية العامة منذ سنتين ولم يحالفها الحظ دخول الجامعة ولذلك التحقت بأحد المعاهد الأهلية للتدرب على أعمال السكرتارية. أما سعاد البنت الأصغر والتي تكبر محمود بعام فلا زالت بالمرحلة الثانوية وهى تعيد سنتها الثانية بالصف الثاني مما سمح لمحمود أن يلحق بها في الصف الدراسي. سعاد ليست ذكية وليس لديها اهتمامات أكاديمية فهي تقضى معظم وقتها في العزف على آلة الأكورديون والتدرب على تقليد بعض الفنانات و تتمنى أن تصبح يوماً مغنية يشار لها بالبنان.

    الوالد حاج عبد الرحمن في العقد الخامس من عمره ويعمل محاسباً بأحد الشركات الخاصة. رجل طيب وفاضل متدين يقضي معظم وقت فراغه متتبعاً الندوات والمسلسلات الدينية في التلفاز.

    أما الأم حاجة الرضية فهي مثل اسمها راضية قانعة بنصيبها من الدنيا. لم تنل حظاً من التعليم وقنعت بتكريس عمرها وجهدها لعائلتها. هي تصلى وتدعو الله كثيراً لهم بالتوفيق وأن يصرف العين والحسد عنهم.

    في الأسابيع القليلة الماضية لاحظ الوالدان أن محمود فقد كثيراً من شهيته للأكل. يقضى معظم وقته في غرفته متفادياً بقية الأسرة. يبدو كئيباً شاحب الوجه قلقا متوتراً. تجده شارداً سارحاً بعيداً لا يركز على شيء كأنه يعيش في وادٍ آخر. يتحدث باقتضاب وقد يخونه التعبير أو تتوه منه الكلمات أحيانا. أصبح لا ينام جيدا وكم من مرة دخلت عليه أمه في منتصف الليل لتجده مستيقظا يتقلب في فراشه.عند سؤاله عن حاله يجيب بدون اكتراث بأنه على خير ولكن الجميع يشعر بأن الأمر ليس كذلك. أخذه والده للطبيب الذي أجرى عليه كشفاً سرير يا دقيقاً مع بعض الفحوصات فلم يهتد إلى شيء فطمأن الأبوين على أن الأمر لا يعدو أن يكون بسبب ضغوط وصراعات فترة المراهقة التي يمر بها محمود حالياً ووصف له بعض المهدّئات والفيتامينات.

    اليوم التالي عاد محمود على غير عادته مبكراً للمنزل. انزعجت والدته كثيرا وهي تراه خائفا ومر تعبا. بعد إلحاحها عليه لمعرفة السبب ذكر لها أن هنالك طالبين في صفه يتربصان به ويتآمران عليه ويقومان بمراقبته طول الوقت منذ فترة. أول الأمر كان يشك في الأمر أما الآن فأنه متيقن من ذلك بعد أن سمعهما يخططان ويتواعدان للاعتداء عليه بعد نهاية اليوم الدراسي. هو لا يستبعد أن تكون لهما علاقة بعصابة ما أو بجهاز استخبارات.

    انزعجت الأم كثيرا لما يحدث لمحمود واتصلت بالهاتف لتطلع زوجها بالأمر فوعدها أن يصحب محمود إلى المدرسة في اليوم التالي لاستجلاء الأمر.

    وفي صبيحة اليوم التالي كان محمود ووالده عند المدير الذي استمع باهتمام لوالد محمود قبل أن يستدعى الطالبين الذين أنكرا بشدة الاتهام وأكدا احترامهما وإعجابهما بمحمود فلا شيء يجعلهما يكيدان له. مجموعة من نفس الصف برّأت الطالبين وأضافوا أنهم يشعرون في الآونة الأخيرة أن محمود ليس في حالة صحية جيدة. أما أساتذته فقد لاحظوا شروده وتدني مستواه الدراسي مع إهماله لواجباته على غير عادته.

    طلب المدير من والد محمود أن يأخذه للطبيب وهذا ما فعله ونصح الطبيب بخلود محمود للراحة بعيداً عن الجو الدراسي وأعطاه بعض العقاقير التي تساعده على الهدوء والنوم.

    ساءت الأمور كثيراً في الأيام التالية عندما بدأ محمود يقول أنه يسمع صوت الطالبين وهو في حجرته يتآمران عليه من جديد ويسبانه بأقبح الألفاظ ويعيرّانه بأنه غير مكتمل الرجولة وأحياناً بأنه" مخنث". كثيرا ما سمعته والدته وهو بحجرته يتكلم بصوت عال مع نفسه وأحياناً كانت تسمعه وهو يجادل أو يعارك مجهول. وكم من مرة قام بتحطيم محتويات غرفته ومن بينها جهاز كمبيوتره الخاص متهماً نفس الطالبين بإرسال رسائل على بريده الإلكتروني يسبانه فيها ويتوعدانه.

    مع الأيام صار محمود عنيفاً مع أفراد أسرته متهماً أنهم لا يفعلون شيئاً لمساعدته بل يتشككون في ما يقوله لهم خاصة عندما ذكر لهم أن الطالبين يشلان حركة جسمه وتفكيره بتسليط تيار مغناطيسي عليه من بعد وأنهما يستطيعان تعذيبه بأساليب مختلفة مثلاً يستطيعان سحب أفكاره من مخه وتفريغه بالكامل مع إمكانهما دس أو غرز أفكار غريبة عليه وذات محتو ى جنسي وشاذ مكان تلك الأفكار.


    جاء الأب ببعض المقرئين لتلاوة القرآن عليه لعل الشيطان داخله يتركه في حاله. وأخيرا أتى احد أصدقاء والده بشخص يتعامل مع الجن واستعمل هذا كل الأساليب المعروفة لديه ومنها الضرب بعصا صغيرة حتى كاد محمود أن يفقد وعيه من الألم إلا أن الجني العنيد لم يستسلم.

    اضطر والد محمود لزيارة الطبيب مرة أخرى عندما بدأ محمود يهدد بأن يقضي على حياته لسأمه الحياة ولتخليص نفسه من ذلك العذاب. هذه المرة أسرع الطبيب بتحويل محمود للمستشفي النفسي. وبعد استماع الأخصائي لتفاصيل المرض قرر على الفور إدخال محمود القسم الداخلي بعد أن أوضح للأسرة أن محمود يعاني من أعراض مرض الفصام أو" الشيزوفرينيا" ولام الوالد ضمنيا على التأخر في إحضار محمود للعلاج في وقت مبكر ولكنه طمأن الجميع بمعافاة محمود قريباً.

    كان التحسن مضطرداً في صحة محمود للدرجة التي سمحت بخروجه من القسم الداخلي بعد خمسة أسابيع على أن يراجع قسم العلاج النهاري لمتابعة حالته وإخضاعه لعملية تأهيل نفسي واجتماعي قبل عودته لمواصلة دراسته. وعندما قرر عدد من زملائه في الصف زيارته في المنزل لتهنئته بالشفاء أعدت حاجة الرضية والدة محمود ذلك اليوم بعض الطعام والشراب لتقديمه لهم عند حضورهم. لقد كانت بالحق لحظات مشهودة عندما التقى الزملاء وكانت المفاجأة أن كان من بينهم نفس الطالبين الذين كان محمود يتهمهما بالكيد له وإيذائه. اعتذر لهما محمود فتقبلا الاعتذار بتفهم ورضاء تام. كان الزملاء سعداء لرؤية محمود وهو معافى وفي كامل صحته وقضوا وقتاً سعيداً وهم يستعيدون فيه الذكريات ويروون فيها الطرف. وعندما حان الوقت للمغادرة خرج اثنان منهم وعادا من السيارة بجهاز كمبيوتر جديد باسم كل الصف هدية لمحمود وتعويضاً له على جهازه الذي حطمه بنفسه. شكر محمود زملاءه على زيارتهم وهديتهم وكله شوق لليوم الذي يعاود فيه الدراسة والانضمام لزملائه في الصف من جديد
    بسكوتة هانم
    بسكوتة هانم
    مديرة عامة
    مديرة عامة


    عدد المساهمات : 357
    تاريخ التسجيل : 25/02/2010

    m1 رد: العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Ø¨Ø³ÙƒÙˆØªØ© هانم الثلاثاء مارس 16, 2010 1:19 pm

    جميلة يا سندوسة فى انتظار القصة التالية باذن الله
    بسكوتة هانم
    بسكوتة هانم
    مديرة عامة
    مديرة عامة


    عدد المساهمات : 357
    تاريخ التسجيل : 25/02/2010

    m1 رد: العيادة النفسيه

    مُساهمة من طرف Ø¨Ø³ÙƒÙˆØªØ© هانم الأحد مارس 28, 2010 1:45 pm

    فين الحالة الجديدة يا سندوسة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 6:32 am